الخميس، 10 يناير 2013

نسب يحق لمن انتسب إليه أن يفتخر . نسب العبودية لرب الأرض والسماء .

نسب يحق لمن انتسب إليه أن يفتخر . نسب العبودية لرب الأرض والسماء .
إن من أفضل الأنساب وأعلاها فخرا نسب العبودية لله عز وجل
قال الله تعالى عن عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهو يقر ويعترف بالعبودية لله عزوجل : فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
وقال عنه أيضا : وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)
وقال عنه أيضا : لن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا (172)
وقال الحسن: لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا إله إلا الله" ويدعو الناس إلى ربهم، كادت العرب تلبد عليه جميعًا. فقال تعالى عن النبى صلى الله عليه وسلم : وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)[1]
ووصف ربنا جل وعلا نبينا صلوات الله وسلامه عليه بالعبودية فقال : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (1)
** عَنْ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا .[2]
** وقال صلى الله عليه وسلم : آكل كما يأكل العبد و أجلس كما يجلس العبد .[3]
كما وصف ربنا نوحا بالعبودية فقال : ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)
وقال تعالى : سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)
ووصف العبد الصالح الذى أمر ربنا موسى أن يذهب إليه ليتعلم منه فقال : فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
وقال تعالى وهو يصف عبودية يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
وبين ربنا جل وعلا أن العباد الأتقياء هم الذين يرثون الجنة فقال تعالى : تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)
قال تعالى : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم، المصدق لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع ، فقال{ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } وهو المفرط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات{ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } وهو: المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا }قال: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وَرَّثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يُغْفَر له، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب. [4]
ووصف ربنا خليله إبراهيم فقال : سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)
ووصف موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام فقال : سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)
وقال أيضا : وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ (47)
وقال تعالى عن لوط ونوح عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)
وقال تعالى عن سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)
وقال تعالى عن أيوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
وقال فى حق الملائكة : وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)
نسب يحق لمن انتسب إليه أن يفتخر
إن من استخدمه رئيس أو أمير أو وزير يفخر لأنه من من أتباعه .
فكيف بمن استخدمه رب الأرض والسماء واختصه بالعبودية له ؟ ألا يحق له أن يفتخر بهذه العبودية ؟
قال تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11)
واسمع أخى وحبيبى إلى هذه الموعظة البليغة
** حكي أن بشراً كان في زمن لهوه في داره، وعنده رفقاؤه يشربون ويطيبون . فاجتاز بهم رجل من الصالحين، فدق الباب. فخرجت إليه جارية، فقال :
صاحب هذه الدار حر أو عبد؟
فقالت : بل حر!
فقال: صدقت لو كان عبداً لاستعمل أدب العبودية وترك اللهو والطرب .
فسمع بشر محاورتهما فسارع إلى الباب حافياً حاسراً وقد ولى الرجل . فقال للجارية : ويحك! من كلمك على الباب؟ فأخبرته بما جرى .
فقال: أي ناحية أخذ هذا الرجل ؟
فقالت: كذا .
فتبعه بشر حتى لحقه، فقال له: يا سيدي! أنت الذي وقفت بالباب وخاطبت الجارية ؟
قال: نعم .
قال أعد عليّ الكلام .
فأعاده عليه . فمرّغ بشر خديه على الأرض وقال :
بل عبد! عبد! عبد !
ثم هام على وجهه حافياً حاسراً حتى عُرف بالحفاء . فقيل له :
لمَ لا تلبس نعلاً ؟
قال: لأني ما صالحني مولاي إلا وأنا حاف. فلا أزول عن هذه الحال حتى الممات.[5]
قِيلَ لِبَعْضِ الزُّهَّادِ : لَوْ سَأَلْتَ جَارَك أَعْطَاك ؟ فَقَالَ : وَاَللَّهِ مَا أَسْأَلُ الدُّنْيَا مِمَّنْ يَمْلِكُهَا فَكَيْفَ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُهَا .[6]
هذه عبودية .
ألا يحق لمن ينتسب لهذه العبودية أن يفتخر بهذا النسب ؟
أخوكم ومحبكم فى الله محمود محمدى العجوانى



[1]تفسير ابن كثير - (8 / 245)
[2] صحيح البخاري - (4 / 292)
[3] صحيح وضعيف الجامع الصغير - (1 / 7)تخريج السيوطي( ابن سعد ع حب ) عن عائشة . تحقيق الألباني ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7 في صحيح الجامع .
[4] تفسير ابن كثير - (6 / 546)
[5] موسوعة البحوث والمقالات العلمية - ( / 2)
[6]أدب الدنيا والدين - (1 / 237)