الأربعاء، 23 يناير 2013

قبيلة الزويّة المنتمية إلى قبائل الحساونة في وادي الشّاطيء ساندتهم قبائل الجوابيص المصريه

يعتبر التبو من القبائل الرّحّل التي كانت تسكن في الجنوب الليبي،وموطنهم الرئيسي كان تيبيستي. وفي الأصل فإن الرحّل من السّودان النيلي، وهم الزّغاوة أحدى ضحايا الحرب الأهليّة في دارفور الآن، ويتحدّر منهم إدريس ديبي رئيس تشاد،يعتبرون من شعوب التبو مع مزيج من الأمازيغ والعرب، ولغتهم من أسرة (تيدا دازا). ولكن التبو نزحوا عبر السنين وانتشروا حتى فزّان وبحيرة تشاد والعنيدي،إلى أن تمركزوا في الصحراء الليبيّة الوسطى واحتلّوا واحاتها وكوّنوا سلطنتهم وعاصمتها كانت (تازربو). و(بو) تعني بلغتهم "موطن"، أي موطن تازر.
 
أثناء الهجرات والغارات المتبادلة بين القبائل الليبيّة لا سيّما أولاد سليمان والمغاربة والمجابرة والقذاذفة.. إلخ وبين السلطنات السودانيّة المتأخّمة،سيطرت أسرة بني خطّاب الأمازيغيّة الليبيّة على فزّان ووصلت جنوبا حتى سلطنة كانم،وبذلك إستقرّ الأمن وازدهرت تجارة القوافل،إلاّ أنه في العام 1172-3 أطاح المغامر المملوكي شريف الدين قراقوش بحكم بني خطّاب،فعادت الفوضى وأعمال الغارات والسبي من جديد وهدّدت طرق التجارة. إلى أن قام سلطان كانم (الماي دوناما ديلامي)، في الفترة من 1221-1259 بالغارة على فزّان وضمّها إلى سلطنته،يقال بمساعدة من التبو،وإنه عيّن توباويّا حاكما عليها،وسعى للسيطرة على منافذ التجارة مع الشرق عبر الودّان والجفرة وسرت.
 
في بداية القرن السادس عشر وقعت فزّان تحت حكم محمّد الفاسي أحد الأشراف من أصل مرّاكشي، وتوارث حكمها غير المستقرّ أفراد أسرته (أولاد محمّد) طيلة فترة القرون الثلاثة القادمة،والذين جعلوا عاصمتها مرزق،وعقدوا إتفاقات مع ولاة العهد العثماني الأوّل. وعندما تولّى حكم طرابلس الغرب يوسف باشا القرمانللي توّغّل بجيوشه حتى برنو التي سيطرت على كانم وبقيّة ممتلكاتها،واستطاع السلطان محمّد الأمين الكانمي، وأصله من فزّان، أن يطيح بسلطانها ويحلّ محلّه،وأن يتحالف مع الباشا القرمانللي. إلى أن جاء التغلغل الأوروبّي الفرنسي والبريطاني لمحاربة تجارة الرّقيق والإستيلاء على موارد الإقليم،وخاصة الذهب،ومنافذ تجارته.
 
وخلال نفس بداية القرن السادس عشر قامت أوّلا قبيلة الجوازي من قبائل برقة الشرقيّة بالغارة على سلطنة التبو في الكفرة والواحات التابعة لها (تازربو- بزيمه- ربيانه - الهوّاري - الهويويري - جبابو التي تشمل الجوف والزرق وبومه والبويمه) وأجلت التبو عنها، حيث استقرّت هناك لفترة مائة وخمسين سنة. ولكن غارات التبو والقبائل الأخرى المضادّة عليها، أجبرتها على الرحيل إلى موطنها جنوبي بنغازي، ومن ثمّ،وعقب صراعها مع بقية السعادي،هاجرت إلى مصر وأقامت بها حتى الآن. وبعد عدّة سنوات غزت الكفرة وواحاتها المذكورة قبيلة الزويّة المنتمية إلى قبائل الحساونة في وادي الشّاطيء. وكان الزويّة قد استوطنوا إجدابيا منذ مائتي سنة مضت حيث أصبحوا فيها وكلاء (صدقان) للمغاربة،ولكنهم مع مرور الوقت أخذوا يزحفون جنوبا إلى أن أقاموا في (جخرّة) ثم هاجموا التبو في الكفرة وواحاتها وأجلوهم عنها (يقال بمساندة من قبيلة الجوابيس المصريّة). ولم يبق منهم،عند الغزو الإيطالي سنة 1911 أقلّ من 200 شخصا.
 
استمرّ الكرّ والفرّ بالغارات على الكفرة بين جميع قبائل القبلة البرقاويّة إلى أن حلّت بها الحركة السنوسيّة بزعامة السيّد المهدي السنوسي سنة 1895، والذي نقل مركز الحركة من الجغبوب إلى (التاج) بالكفرة، بدعوة (استعطاف) من الزويّة،وعلى الفور بسطت السنوسيّة عقيدتها وساد الأمن والسلام، وازدهرت زراعة وتجارة واحاتها،وتحوّلت إلى مكانتها المعروفة.
 
من هذا العرض التاريخي يمكننا تلمّس الجذور التاريخيّة وعلاقات التبو مع القبائل الليبيّة.

 
الرّاصد السياسي 
عبد المجيد بن عبد العزيز الجابوصى